14/02/2024 - 13:18

غزّة هاشم: تاريخ وعراقة وفداء | أرشيف

 غزّة هاشم: تاريخ وعراقة وفداء | أرشيف

شبّان يلقون الحجارة في خان يونس على قوّات الاحتلال | ديفيد ويليس

 

المصدر: «مجلّة الدوحة».

زمن النشر: 1 تمّوز (يوليو) 1979.

الكاتب: نبيل خالد الآغا.

 


 

مدينة من أبهى المدن الفلسطينيّة المتربّعة في أحضان الأبيض المتوسّط. عانقها المجد منذ القدم، تغزّل في محاسنها الشعراء وجوّابو الأمصار، وطمع فيها الغزاة والفاتحون؛ فعانت الويلات من غزواتهم وحروبهم، وما برحت تعاني الاحتلال الصهيونيّ الّذي جثم على أنفاسها منذ ما يزيد على اثني عشر عامًا. وقد حظيت غزّة بكلّ هذه الاهتمامات لما تمتاز به من ميزات عدّة قلّما توفّرت في مدينة أخرى.

 

عراقة المحتد

إنّها أقدم مدينة موغلة في القدم، وتعتبر من أقدم المدن الّتي تعرّف عليها التاريخ. أمّا سبب تسميتها بهذا الاسم فهو غير مدرك بدقّة، برغم أنّ هذا الاسم كان قابلًا للتبديل والتحريف بتبدّل الأمم الّتي صارعتها؛ فهي عند العبرانيّين: "عزة"، وعند الكنعانيّين: "هزاتي"، وعند الفراعنة: "غزاتو"، أمّا الآشوريّون واليونانيّون فكانوا يطلقون عليها: "فازا"، والصليبيّون أسموها: "غادرز"، والأتراك لم يغيّروا من اسمها العربيّ: "غزّة"، أمّا الإنجليز فيطلقون عليها: "جازا".

وقد أراد أهلها بعد ظهور الإسلام أن يشرّفوها بنسبتها إلى جدّ رسولنا الأعظم هاشم بن عبد مناف، الّذي مات فيها، فأطلقوا عليها: "غزّة هاشم"، وما يزال هذا الاسم متداولًا حتّى اليوم.

وقد اختلف المؤرّخون – كعادتهم بالنسبة لكثير من المدن القديمة – في سبب تسميتها بغزّة؛ فهناك مَنْ يقول إنّها مشتقّة من المنعة والقوّة، وهناك مَنْ يقول إنّ معناها ’الثروة‘، وآخرون يرون بأنّها تعني ’المميّزة‘، أو المختصّة عن غيرها. وكما اختلف المؤرّخون في سبب تسميتها، فإنّهم كذلك مختلفون في بنائها الأوّل؛ فمنهم مَنْ أنّ بنّاءها الأوّل هم أجدادنا الكنعانيّون العرب الّذين نزحوا من الجزيرة العربيّة وأقاموا بفلسطين والشام في أوائل القرن الثالث قبل الميلاد. وأمّا البعض الآخر فيرى بأنّ المعينيّين العرب هم الّذين وضعوا حجر أساسها، أوّل مَنْ ارتادها من العرب الأوائل يحملون منها وإليها البضائع المختلفة، ولعلّهم أوّل مَنْ اكتشف أهمّيّتها التجاريّة ووقوعها على الطريق الصحراويّ الّذي يربط مصر بالهند، ومنذ ذلك العهد البعيد اكتسبت غزّة شهرتها التاريخيّة الأولى.

لقد اعتبر أرباب التجارة غزّة مفتاح الثروة والغنى، واعتبرها قادة الجيوش وكبار العسكريّين المخفر الأماميّ لمصر وأفريقيا وباب آسيا. ولهذا كانت موضع اهتمام الملوك الّذين اعتلوا عرش مصر منذ عهود الفراعنة، وقد أحصى المؤرّخون أسماء سبع عشرة فرعونًا مرّوا بغزّة أو فتحوها لأنّهم كانوا يدركون أنّ الاستيلاء على غزّة يعني السيطرة على طرق الحرب والتجارة بين آسيا وأفريقيا.

 

أسطورة شمشون

كان شمشون الجبّار يهوديًّا، وبه يُضرب المثل في القوّة الجسديّة الخارقة، وقد بطش بأكثر من ثلاثين فلسطينيًّا في عسقلان، ونهب أملاكهم. وقد خشي الانتقام فهرب إلى غزّة، وهناك تعرّف إلى امرأة غزّيّة تُدعى دليلة، فصعد إليها أقطاب الفلسطينيّين وقالوا تملّقيه وانظري بماذا قوّته العظيمة، وبما نتمكّن منه لكي نوثّقه لإذلاله، فتملّقته دليلة وخدعته، فكشف شمشون لها عن مكنونات قلبه، وعرفت أنّ سرّ قوّته يكمن في قوّة شعر رأسه، وأخبرت دليلة سادة أهلها من الفلسطينيّين بهذا السرّ، واتّفقت على خطّة معهم، فأنامته على ركبتها، فجاؤوا وحصدوا شعر رأسه وفقؤوا عينيه وأوثقوه. وفي الإصحاح السادس عشر أنّهم: "أوقفوه بين أعمدة المعبد، وكان مملوءًا رجالًا ونساء، وقبض شمشون على العمودين المتوسّطين وصاح: بي وبأعدائي الفلسطينيّين، وانحنى فسقط البيت".

وقد غضب الإسرائيليّون لمقتل قاضي قضاتهم شمشون الجبّار، وظلّ صراعهم قائمًا مع الفلسطينيّين الّذين قاوموهم مقاومة عنيفة، خاصّة بعد أن دخلت غزّة في حكم بني إسرائيل أيّام ملكهم سليمان الّذي اعتلى الحكم بعد أبيه داوود عام 960 ق. م، وبرغم ذلك، لم تستسلم غزّة لحكمهم. وقد جاء في كتاب «تاريخ غزّة» أنّ "الحرب كان سجالًا بي الفريقين، تارة تغلب غزّة وطورًا تُغلَبُ على أمرها، وكثيرًا ما كان الغزّيّون يحتالون على بني إسرائيل، فيسبون أولادهم ويبيعونهم لعرب الجنوب سكّان أدوم، وكان هؤلاء يحملونهم إلى سكّان مصر، ولا عجب إذا غضب بنو إسرائيل على غزّة، إذ كانوا يعدّونها شوكة في حلق مملكتهم، ولذلك حمل عليها أنبياء بني إسرائيل حملة شعواء، وراحوا يصبّون عليها جام غضبهم، ويتمنّون لها الخراب والدمار.

 

في عهد الفرس والرومان

كانت غزّة تابعة للحكم الفارسيّ حينما هاجمها الإسكندر المقدونيّ عام 222 ق. م، وقد قاومته غزّة مقاومة عنيفة، وصمدت أمام جحافل المقدونيّين شهرين كاملين، ويُقال إنّ سهمًا غزّيًّا قد أصابه في ركبته، وعلى قول آخر في صدره، ممّا أثار حفيظته، وعندما تغلّب عليها أعمل فيها وفي أهلها التنكيل والتعذيب، فدمّر قلاعها وهدم منازلها وباع كثيرًا من نسائها وأطفالها في أسواق العبيد. يقول بلوتارخ: "لقد كانت غزّة أعظم مدينة في برّ الشام عندما استولى عليها الإسكندر الأكبر".

ومن ناحية أخرى، فلقد أفادت غزّة كثيرًا خلال العهدين اليونانيّ والرومانيّ، فلقد ازدهرت فيها آداب اليونان وثقافتهم، وكان مشهودًا لمدارسها بالتفوّق، خاصّة في دراسة الفلسفة والبلاغة والخطابة في قرون الميلاد الأولى. وكثيرًا ما كانت معاهد فارس تستعين بكفاءة المعلّمين الغزّيّين للتدريس فيها.

وعندما نتحدّث عن تاريخ غزّة في هذه الفترة، فلا بدّ من الإشارة إلى موقف الإمبراطور الرومانيّ الّذي قهر اليهود وشتّت جموعهم وسبى نساءهم وباعهنّ في أسواق غزّة. لقد أحبّ هادريانوس غزّة حبًّا كبيرًا، وقد زارها مرّات عدّة، وخلال إحدى زياراته عام 129، أسّس «عيد غزّة الكبير»، ووضع مبدأ للتقويم الغزّيّ أو الهدريانيّ الّذي يبدأ عام 60 قبل الميلاد. وفي عهد الرومان أيضًا ازدهرت صناعة الفخّار والحرير.

 

الفتح الإسلاميّ

منذ أسّس العرب غزّة وهم يقصدونها في تجارتهم وأسفارهم باعتبارها مركزًا مهمًّا لعدد من الطرق التجاريّة، وكانت تمثّل الهدف لإحدى الرحلتين الشهيرتين اللّتين وردتا في القرآن الكريم في «سورة قريش»، أي رحلة القرشيّين شتاء إلى اليمن، ورحلتهم صيفًا إلى غزّة ومشارق الشام. وفي إحدى رحلات الصيف هذه مات هاشم بن عبد مناف جدّ الرسول محمّد، ودُفِنَ في غزّة، وما يزال قبره قائمًا فيها حتّى اليوم، وله جامع معروف بـ «جامع السيّد هاشم». وقد قال أحمد بن يحيى بن جابر، أنّ هاشمًا مات بغزّة وله من العمر خمس وعشرون عامًا، ورثاء مطرود بن كعب الخزاعيّ في قصيدة قال في مطلعها: "مات الّذي بالشام لمّا أن ثوى/ فيه بغزّة هاشم لا يبعد".

وفي غزّة أيضًا عاش عمر بن الخطّاب فترة من الزمن، ويُقال إنّه أثرى فيها عن طريق التجارة. كما أنّ والد رسولنا الأعظم زارها قبيل وفاته حيث كان يخرج للتجارة، ويُقال أيضًا إنّ النبيّ محمّد قد جاء إليها قبيل بعثته المباركة، ويُروى أنّ مصعب بن ثابت قد روى قوله: "طوبى لمَنْ سكن إحدى العروسين عسقلان وغزّة".

يقول شيخ مؤرّخي فلسطين المرحوم عارف العارف: "يجب أن نعتبر أنّ غزّة كانت على مرّ الدهور مدينة عربيّة لا شكّ في عروبتها، وأنّ الفتح الإسلاميّ لغزّة لم يكن سوى تأبيد للفتح العربيّ الّذي سبقه، ولم يكن الجنود المسلمون الّذين احتلّوها سوى أولئك العرب الّذين كانوا يتردّدون عليها من جميع أنحاء الجزيرة العربيّة قبل الفتح الإسلاميّ".

وقد استطاعت كتائب المسلمين بقيادة البطل المسلم عمرو بن العاص أن تعيد لغزّة وجهها العربيّ عام 634 م (13 هجريّة)، وإنّه لمن أسباب فخر غزّة، بل فلسطين برمّتها، أن يكون الإمام الشافعيّ، أحد الإئمّة الأربعة المجتهدين في الإسلام – فلسطينيًّا من مواليد غزّة. يقول عن نفسه: "وُلِدْتُ بغزّة سنة خمسين ومائة، وحُمِلْتُ إلى مكّة وأنا ابن اسنتين". ويُروى أنّه كان يحنّ دومًا إلى غزّة، فقال معبّرًا عن هذا الحنين الجارف: "وإنّي لمشتاق إلى أرض غزّة/ وإن خانني بعد التفرّق كتماني/ سقى الله أرضًا لو ظفرت بتربها/ كحّلت به من شدّة الشوق أجفاني". وقد توفّي الإمام الشافعي عام 820 وهو ابن أربع وخمسين، ودُفِنَ في مصر، وفي غزّة دُفِنَتْ ابنته آسيا وخادمه الشيخ عطيّة.

 

غزّة والاحتلال الإنجليزيّ

لم تقف غزّة في صراعها مع الغزاة عند هذا الحدّ، بل كانت على موعد مع نابليون بونابرت الّذي توجّه إليها قادمًا من مصر، فاحتلّها بتاريخ 25 من شباط (فبراير) عام 1799، بعد أن حطّم بقايا سورها الكبير وهدم أربعة من مساجدها. وقد كان نابليون يعتبرها: "المخفر الأماميّ لأفريقيا وباب آسيا".

وفي عهد محمّد علي، توجّهت القوّات المصريّة بقيادة ابنه إبراهيم باشا على رأس جيش تعداده أربعون ألف رجل في اتّجاه فلسطين وسوريا، فاحتلّ غزّة في نهاية عام 1831، وبعد ثلاثة أعوام تقريبًا انسحب منها.

وفي خلال الحرب العالميّة الأولى، انهزم الإنجليز مرّتين أمام الأتراك في غزّة، وبعد أن أعادوا تنظيم قوّاتهم شنّوا عليهم هجومًا ثالثًا استمرّ ستّة أيّام كاملة، وقد استطاعت القوّات البريطانيّة أن تحتلّ غزّة بتاريخ 6 تشرين الأوّل (أكتوبر) عام 1917، بعد أن هزمت الأتراك هزيمة قاسية.

وقد أنشأ الإنجليز مقبرة واسعة دفنوا فيها رفات أمواتهم، ولمّا حضر اللورد اللنبيّ لتدشين هذه المقبرة عام 1922، قال: "لقد كانت غزّة من فجر التاريخ حتّى يومنا هذا بوّابة الفاتحين".

 

رجالات من غزّة

شهدت غزّة مولد عدد من الفقهاء والمؤرّخين والوزراء والشعراء، وعندما هبطها قاضي القضاة أبو اليمن مجير الدين الحنبليّ، قال عنها في «الأنس الجليل»: "إنّ غزّة هي من أحسن المدن المجاورة لبيت المقدس، وفيها وُلِدَ سيّدنا سليمان بن داوود عليهما السلام، والإمام الأعظم محمّد بن إدريس الشافعيّ، ولو لم يكن لغزّة من الفخر إلّا مولد النبيّ سليمان والإمام الشافعيّ بها لكفاها".

ومن الغزّيّين الشاعر إبراهيم بن عثمان الكلبيّ الأشهبيّ، والعالم الفقيه أحمد بن عبد الله العامر الغزّيّ، وممَّنْ اشْتُهِرَ من مواليد غزّة الملك المؤيّد أحمد بن الملك الأشرف إينال، وشمس الدين أبو العون محمّد الغزّيّ الفاروقيّ، وحاكمها المتوفّى عام 1015 هجريّة أحمد رضوان، ومن رجالها حسين باشا مكّيّ، والمحدّث الشهير أحمد المؤقّت، ومحمّد باشا أبو مرق، ومحمّد الريّس الطبيب الحاذق الواسع الشهرة.

وقد حظيت غزّة بثناء مَنْ زارها، ومن زوّارها الإدريسيّ عام 1154، وأبو الفداء في أواخر القرن الثاني عشر، وابن بطّوطة في أواسط القرن الرابع عشر، والشيخ عبد الغني النابلسي.

 

غزّة والانتداب البريطانيّ

منذ عام 1917 وحتّى عام 1948، كانت فلسطين برمّتها تابعة للانتداب البريطانيّ، يديرها مندوب ساميّ عيّنته بريطانيا، وكان يساعده مجلسان، أحدهما استشاريّ والآخر تنفيذيّ، وجميع أعضاء هذين المجلسين بريطانيّون يعيّنون مباشرة من وزارة المستعمرات في لندن، وقد قسّم المندوب السامي فلسطين إلى ستّة ألوية إداريّة، هي: لواء القدس، لواء حيفا، لواء الجليل، لواء السامرة، لواء اللدّ، لواء غزّة. وجميع حكّام ونوّاب هذه الألوية بريطانيّون. وهكذا كبّلت بريطانيا فلسطين لتحقّق «وعد بلفور» بإقامة دولة يهوديّة على أنقاضها، وكانت غزّة عاصمة للّواء الجنوبيّ الّذي تحمل اسمه، ويضمّ 54 قرية وثلاث مدن هي غزّة وخان يونس والمجدل.

 

غزّة بعد النكبة الأولى

بعد أن تمّ إعلان الهدنة بين العرب والصهاينة في جزيرة رودس عام 1949، احتفظت مصر بالشريط الفلسطينيّ الّذي يجاور حدودها تديره بمعرفتها، وهو ما اصْطُلِحَ على تسميته بقطاع غزّة؛ يمتدّ حوالي 27 كم وبعرض يبلغ 6 كم، ويشمل ثلاث مدن رئيسيّة هي غزّة وخان يونس ورفح وبعض القرى. وكنتيجة مباشرة لهذه الحرب الّتي هُزِمَت فيها سبعة جيوش عربيّة، اكتظّ هذا الشريط المحدود بأعداد ضخمة من اللاجئين الموزّعين على ثمانية معسكرات كبيرة من أهمّها جباليا، الشاطئ، البريج، النصيرات. ويشكّل هذا العدد أكبر كثافة سكّانيّة في العالم نسبة إلى رقعة الأرض المحدودة، الّتي يقطنها حوالي نصف مليون نسمة، كما أنّ مستوى التعليم بها من أكبر المستويات في العالم بالنسبة لعدد السكّان حيث يصل إلى حوالي 83 بالمئة.

وفي عام 1955، شنّت القوّات الصهيونيّة عدّة غارات مؤثّرة على مدينتي غزّة وخان يونس، وعلى إثرها تشكّلت أولى التنظيمات الفدائيّة الفلسطينيّة بقيادة المصريّ مصطفى حافظ الّذي اغتالته إسرائيل في ما بعد بواسطة طرد بريديّ ملغّم.

وإبان العدوان الثلاثيّ على مصر عام 1956، وقع قطاع غزّة في قبضة الصهاينة، فكانت فرصة ذهبيّة اغتنموها للانتقام من أهله؛ فارتكبوا مجزرتين رهيبتين سجّلهما تاريخ الجريمة العالميّ، هما مجزرة خان يونس ومجزرة رفح. ونتيجة للتدخّل العالميّ، تقرّر سحب القوّات المعتدية من سيناء وبور سعيد وقطاع غزّة، وفي صبيحة انسحابهم كتب أحد الجنود الصهاينة على حائط جامع السنيّة بخان يونس هذه العبارة: "انتظرونا، فسوف نرجع مرّة أخرى".

وأثناء حرب حزيران عام 1967، عاد الصهاينة لاحتلال قطاع غزّة من جديد.

 

مقاومة الاحتلال

لقد أظهر جيش التحرير الفلسطينيّ وقوّات المقاومة الشعبيّة بطولات فذّة ورائعة خلال وبعد العدوان، ويكفي دليلًا على هذا القول إنّ القوّات الصهيونيّة لم تكن لتسمح للمدنيّين اليهود بدخول القطاع أسوة بالمناطق المحتلّة الأخرى، وكانت تواجه القادمين إلى مدينة خان يونس يافطة حديديّة ضخمة، عليها هذه العبارة: "هذه مدينة القتلة... مدينة السفلة".

وقد أجمع الصحافيّون الأجانب الّذين زاروا الوطن المحتلّ خلال تلك الفترة، بأنّ "الفدائيّين يحكمون قطاع غزّة ليلًا، وإسرائيل تحكمه نهارًا".

ولقد شهد القطاع الباسل عمليّات فدائيّة مشرّفة ومكثّفة في الفترة من عام 1968 وحتّى عام 1973، ولكن حدّة هذه العمليّات قد خفّت بعد حملات القمع الصهيونيّة الشرسة، ولأسباب أخرى. ويقع القطاع اليوم تحت قبضة الحكم العسكريّ الصهيونيّ مباشرة، ولم تجرِ فيه أيّة انتخابات بلديّة مثلما حدث في الضفّة الغربيّة.

إنّ وطننا العربيّ الفلسطينيّ المحتلّ يرفض هذا الاحتلال بكلّ أشكاله المطروحة على الساحة اليوم، ولن يرضى بوطن بديل عن فلسطين المحرّرة المستقلّة.

 


 

عَمار: رحلة تُقدّمها فُسُحَة - ثقافيّة فلسطينيّة لقرّائها، للوقوف على الحياة الثقافيّة والإبداعيّة والاجتماعيّة الّتي شهدتها فلسطين في تاريخها المعاصر، من خلال الصحف والمجلّات والنشرات المتوفّرة في مختلف الأرشيفات.

 

 

 

التعليقات